الثامن من اذار نعمة أم نقمة ؟
أطلس سبورت – حنان الريفي
يأتي الثامن من أذار من كل عام بملامحه التي تكاد تتكرر من كل عام ، احتفالات هنا و تكريمات هناك ، ووقفات في مناطق عامة تعبر وتطالب بحقوق المرأة المتزايدة في مطالبها مساوة بالرجل.
ففي الجانب المشرق لتلك الاحتفالات وانجازات الثامن من اذار نري نماذج مشرقة من النساء والفتيات المكرمات لعطائهم الكبير ممزوجا بشعارات وكلمات براقة توفي حقهم في ذلك التكريم وسأسلط الضوء علي مثالين وليس حصرا للنساء المبدعات.
الفنانة الشابة هناء حمش التي تمشي بخطي ثابتة نحو انتشار فنها محليا وعالميا فتكاد تري لوحاتها عبر الجداريات التي تزين المدارس والاماكن العامة لتروي قصص الوحدة الفلسطينية فتجمع الشهداء ياسر عرفات واحمد ياسين ورغم مضايقات بعض الشباب لها وتعليقاتهم علي ووجودها بينهم الا انها استمرت ، فجسدت معرضها غزة “52” فكان له نكهة خاصة لان لوحاتها كانت مصابة كجميع سكان قطاع غزة بصواريخ الاحتلال فحرقت مرسمها بشكل كامل بعد قصف منزلها ولكنها استمرت كنموذج نسوي ناجح يستحق لقب المرأة الناجحة في الثامن من اذار .
ونري نموذجا اكثر اشراقا المسعفة حنان ابو قاسم اول مسعفة رياضية فهي ذات الايدي الناعمة التي تنقل اللاعبين المصابين في الملاعب الرياضية وتقدم لهم الاسعافات الطبية اللازمة في الحال ، فقد تخلصت بدرجة ” 180 ” درجة من تخصصها في الادب الانجليزي الي مهنة المسعفة التي عشقتها ، فأبدعت ووضعت بصمة لها ، وحصلت مؤخرا علي جائزة افضل عرض واقع ومعاناة ضابط الاسعاف في قطاع غزة بتركيا ، فاستحقت ان تكون المرأة المبدعة لهذا العام بجدارة.
ولا يخلو الثامن من اذار من تهميش العديد من النماذج النسائية الشابة الكادحة التي تستحق التكريم في جميع المجالات إما لانها لم تستطع ان تدفع رسوم الجائزة او لانها ليس لها واسطة هنا او هناك لوضعها ، او لاستحواذ نفس الوجوه في كل عام للتكريم التي امتلأت أرف مكاتبهن بالدروع التكريمية في هذا اليوم من كل عام .
وقد يكون نقمة وغصة في القلب لانه يخفي الجانب الشقي لكثير من النساء التي لا تعرف لها حقوق غير تلك التي تسمعها في الندوات والورشات ، ففي الجانب المظلم لثامن من اذار لا زالت هناك نساء تعاني الامرين من التشرد وعدم الاستقرار بمنزل يسترها ويجعلها سيدة نفسها وليست سيدة كرفان او خيمة.
وهناك العديد من النساء التي حرمت من ميراثها او من الزواج لسبب او اخر ، ومن فقدت زوجها شهيدا او ابنها ، كل تلك النساء لا يخفف الامهم درع او تكريم هنا او هناك .
الثامن من اذار يفتح المواجع علي تلك الامهات اللواتي تعاني بصمت وقهر من بُعد أولادها عنها قسراً عبر اعتقالهم من الاحتلال الاسرائيلي وزجهم بالسجون لسنوات طويلة ، وإما عبر اختطاف أبناءهم من مصر الشقيقة ، واكبرهن قهر من عانت من ظلم ذوي القربي من حكومتين هنا او هناك فكلا منهم يعتقل حسب نظرياته وتبقي الام هي التي تتعذب على فلذة كبدها وتبكي بحرقة .
تلك الامهات لا تحتاج الي تكريم بقدر احتياجها الي احتضان ابنائهن وضمهم الي صدورهن.
الثامن من اذار يوم نرفع فيه الشعارات الرنانة والفعاليات الكثيرة ويمر ذلك اليوم دون ان يغير شيء من الواقع الصعب الذي تعيشه المرأة الفلسطينية من انعدام حقوقها وتوفير ادني مقومات العيش الكريمة لها .
فهل الثامن من اذار شعارات فقط ؟