حكاوي الملاعب: لماذا لا يحتفل اللاعبون بالأهداف

حكاوي الملاعب: لماذا لا يحتفل اللاعبون بالأهداف

غزة – جهاد عياش

تخطت مسابقة الدوري الممتاز لأندية قطاع غزة ثلثها الثاني وتتأهب للدخول في المنعطف الأخير ومازالت الأمور على حالها في المنافسة للظفر بلقب البطولة أو الهروب من جحيم الهبوط إلي الدرجة الأولي ، ويجتهد المدربون واللاعبون كل في مجاله وقدراته من أجل تحقيق الهدف المنشود فهل اقترب أحدهم من تحقيق مراده ،لنقرأ ونفكر ونحلل التالي :

أولا : الصداقة يتصدر والزعيم يزأر والهلال يقهر

بعد نهاية الأسبوع الخامس عشر من دوري الوطنية موبايل فرض فريق الصداقة المجتهد نفسه نجما لهذه الجولة بعد تخطيه الصعب لمنافسه شباب خانيونس 2/1 ليرفع رصيده إلي 30 نقطة في المركز الأول ويعيد النشامى خطوات عديدة للوراء قد تحول بينه وبين المنافسة على اللقب .

فقد فرض رفاق عماد هاشم سطوتهم على نتيجة المباراة مبكرا بعد أن أينع بلح وأبدع وقهر حارس النشامي بتسديدة رائعة ألبست عشاق الصداقة تاج الملكية وتبخترت أمانيهم وترعرت أكثر فأكثر عندما أحسن أبو حسنين لعرضية أبو ناجي وأودعها شباك النشامي، لتكون ضمانة ذهبية لثلاث نقاط ثمينة رغم مداعبة كرة عرام لشباك جابر ولكنها اتضح أنها بلا رصيد ، في مباراة كسب فيها زملاء طه كلاب احترام الجميع وظفر فيها رفاق هاشم مغانم كثيرة أعادت الفارق بينه وبين الوصيف الزعيم شباب رفح إلي 4 نقاط بعد أن قدم أبناء الأشقر ربان السفينة الجديد عرضا جماليا وفنيا أرضي القريب والبعيد وذكر العشاق بأمجاد الأزرق الرفحي، عندما زأرت ونهضت من جديد أسود مرضت لكنها لم تمت، بل و عزفت جوقت القاضي وأبوهاشم واحدة من أعذب ألحان فرقة الزعيم بعدما دكوا حصون أسود الشرق اتحاد الشجاعية بثلاثية نظيفة مغلفة بالحلاوة والطلاوة صاغها مجموعة من أمهر الصناع وأرباب الإبداع السباخي وهاشم ويسار والقاضي ليظل الزعيم على مقربة من الصداقة في انتظار جول قادمة من المنافسة عنوانها أكون أو لا أكون .

وواصل هلال الدور الثاني تألقه وقهره لكبار البطولة وضرب اتحاد خانيونس في عقر داره بسهم قاتل في اللحظات الأخيرة من المباراة التي أقيمت في مملكة الطواحين العصية على كثير من الغزاة إلا أن تلامذة حميدان بربخ بقيادة الفتى النجيب محمد عبيد نجحوا في دك حصون البرتقالي بهدف وزنه من ذهب ثمين ليغادر مناطق الهبوط بشكل كبير  ويؤجل حلم الطواحين بالتتويج موسما آخر .

ثانيا : أنا أعاقب فإذا أنا موجود

منذ زمن بعيد أصبحت لعبة كرة القدم هي الأهم على صعيد الأحداث العالمية لما لها من تأثير على النواحي الرياضية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والسياحة والاستثمار، وعليه بحث المسئولون عن تسيير اللعبة عن طرق وأساليب من أجل تطوير هذه الرياضة وحمايتها، وأنه لابد من وجود سياج حامي لهذه اللعبة، فسن القوانين ووضع اللوائح الداخلية وأصدر قرارات من أجل حماية اللعبة وعناصرها وتتوعد كل من يخالف أساسيات وأخلاقيات هذه اللعبة، ولتكون رادعا لكل من تسول له نفسه بالعبث بمنظومة كرة القدم ، وتحدث بين الفينة والأخرى بعض التجاوزات وتفرض العقوبات على المخالفين وتتراوح هذه العقوبات بين الإدارية والمالية والإيقاف والحرمان وتكون أحيانا بسيطة أو متوسطة وفي بعض الأحيان تكون قاسية لتكون عبرة لمن يعتبر، وهذه العقوبات تفرض لحماية عناصر اللعبة ولتهذيب السلوك والتأكيد على الروح الرياضية واللعب النظيف ولكن ما يحدث عندنا هو أن اللجان في اتحاد كرة القدم تفرض العقوبات لإثبات وجودها وحتى يقال أن اللجان متابعة للأحداث وحتى تبرر اجتماعاتها وبعض المكتسبات وعلى أرض الواقع لا توجد أية آلية لتطبيق العقوبات فنري الإداري المعاقب والمدرب المعاقب واللاعب المعاقب على أرضية الميدان يصول ويجول ويؤدي دوره على أكمل وجه والسؤال المطروح كيف نفسر نص العقوبة التي يصدرها الاتحاد والقائلة يمنع على فلان باسمه وصفته من مرافقة الفريق لمدة مباراة أو مباراتين .. ) وكذلك نري الاعبين الموقوفين يرافقون الفريق ويدخلون أرضية الملعب وغرف الملابس وربما يشاركون في توتير الأجواء وإثارة البلبلة وهم على دكة البدلاء .

وعن عقوبات الجماهير ونقل المباريات فحدث ولا حرج والحقيقة أن الملاعب الصماء هي التي تعاقب وليس الجماهير فإدارات الأندية على استعداد لنقل الجماهير إلي أي ملعب في قطاع غزة ولا تأبه بعقوبات الاتحاد وقراراته، فالجماهير التي تخطئ والتي تتسبب في كثير من المشاكل والمصائب لاتعاقب عمليا ، بل هي تكافئ وتمنح لها الفرصة تلو الأخرى من أجل إثارة الشغب والضغط على الحكام ولجان المسابقات والحقيقة الواضحة أن الاتحاد ولجانه يفرضون العقوبات لإثبات الذات والوجود، وليس لردع المخالفين وهذا لعمرك في القياس عظيم .

ثالثا : أخلاقنا مزاجية

الأخلاق الحميدة التي تنم عن تربية سليمة وثقافة علمية وروح رياضية عالية لا تتجزأ بحسب الأحداث ولاتتبدل بحسب المواقف، فهي ثابتة راسخة في نفوس أصحابها من لاعبين ومدربين وإداريين وجماهير، ولكن ما نشاهده في ملاعبنا نوع جديد من الأخلاق المزاجية حسب علاقة الشخص بالآخرين وحسب نوعية الحدث وتأثيره وحسب العلاقة الاجتماعية أو تلاقي المصالح ، ففي بعض المباريات نشاهد أنماطا مختلفة من السلوك كم شاهدنا في مباراة شباب رفح واتحاد الشجاعية فقد كانت العلاقة بين إدارتي ولاعبي و جماهير الفريقين أكثر من رائعة لكنها كانت سيئة جدا اتجاه طاقم التحكيم الذي لم يرتكب أخطاء مؤثرة في المباراة وتعرض لسيل من السب والشتم والمقذوفات من قبل جماهير الشجاعية الغاضبة، وبالمثل فعلت جماهير خدمات الشاطئ أثناء مباراة فريقها مع خدمات خانيونس حين اعترضت على التحكيم وسبت وشتمت وألقت بعض المقذوفات على الرغم من سلوكها الجيد اتجاه الفريق الآخر وجماهيره ، ومن المثير جدا تجد بعض الأشخاص غاضبين جدا ويزمجرون ويتوعدون إذا ما كان فريقه خاسرا وتراهم في منتهي الوداعة والأدب والخلق القويم إذا ما كان فريقهم فائزا ، وبعض الأندية تستضيف فرق الأندية الأخرى قبل المباريات وتكرمها ثم أثناء المباراة ينقلب الحال وتذوب لحظات الود والمحبة عند أي تصرف غير لائق ، وتري جماهير تجتمع مع جماهير أخرى لالتقاء المصالح بينهما أو نكاية بالفريق الآخر لاأكثر ولاأقل ، ومن الأخلاق المزاجية السيئة سقوط اللاعبين بداعي الإصابة بكثرة إذا كانت النتيجة في مصلحته وإن لم تكن كذلك فلا يحدث شيئا من ذلك ، وكل هذه السلوكيات الايجابية في مظهرها والسلبية في جوهرها لا تعبر إلا عن اضطراب وتوتر ومرض في السلوك وليس عن أخلاق لأنها نابعة من المزاج وليس من الأخلاق .

رابعا :لماذا لا يحتفل اللاعبون بالأهداف

لغة الأهداف في مباريات كرة القدم هي اللغة التي يفهما الجميع وتضفي على المباريات المتعة والإثارة وتبعث في النفوس الفرحة والسعادة والنشوة بالانتصار ، فعند ولوج الكرة الشباك يفقد الجميع صوابه في لحظة ترفع فيها الأقلام ويترك المجال للتعبير عن الفرحة ، فتري دكة البدلاء بكل مكوناتها تقف وتهلل وتركض هنا وهناك ابتهاجا وفرحا، وعن الجماهير حدث ولاحرج فإنها تخرج كل ما في جعبتها من أغان وأهازيج تهتز لها المدرجات ويسمعها القاصي والداني وتتراقص على أنغام هذا الهدف الجميل الممتع ثم نأتي على العريس والبطل الذي تسبب بهذه الفرحة كلها ونحرمه من الاحتفال والفرحة بحجة أنه كان فردا من الفريق المنافس في يوم من الأيام أو بحجة الحفاظ على مشاعر جماهير الفريق الآخر مما يسبب عبئا نفسيا وذهنيا على اللاعب نفسه لكبت مشاعره وأحاسيسه ، ولامانع أن يحتفل اللاعب عندما يحرز هدفا ولكن الخطأ هو المبالغة في الاحتفال أو استفزاز الفريق المنافس وجماهيره بطريقة الاحتفال ، وهذه المشاعر ظهرت جليا هذا الأسبوع عندما رفض مهيب أبو حيش مهاجم خدمات خانيونس الاحتفال بالهدف الذي أحرزه في ناديه السابق خدمات الشاطئ ، وكذلك فعل يسار الصباحين مهاجم شباب رفح عندما رفض الاحتفال بالهدف الثالث الذي أحرزه في مرمى فريقه السابق اتحاد الشجاعية فما كان من جماهير الشجاعية ألا أن حفظت له هذا الموقف وهتفت باسمه في نهاية المباراة وذهب إليها هو وبقية أعضاء الفريق لإلقاء التحية عليها ورد المعروف بمثله وربنا يديم المحبة .

والسؤال المطروح لو أن لاعبا آخر أحرز هدفا في فريقه السابق واحتفل مع زملائه وجماهيره بهذا الهدف هل سيعتبر ذلك تصرفا عاديا وحق له أم سيقارن بتصرفات لاعبين آخرين لم يحتفلوا وحينها يعتبر هذا اللاعب قد ارتكب جرما واستفز الجماهير وربما يكون اللاعب ذاته الذي لم يحتفل هذا الموسم  قد يحتفل إذا ما أحرز هدفا في فريقه السابق تبعا لمزاجه وأهمية الهدف وعليه يجب عدم الحكم على الأمور بالعواطف ويجب أن تكون أحكامنا منطقية وألا نشجع التصرفات المثالية التي قد تصدر من البعض .

خامسا : الحكام سبب تدني المستوي الفني للمباريات

تعاني مباريات الدوري في قطاع غزة من تدن ملحوظ في المستوي الفني وتذبذب أداء اللاعبين الفردي والجماعي من مباراة لأخرى، وهنا لا نريد التطرق إلي الفكر التدريبي والحنكة التكتيكية التي يتبعها المدربون أو الإشارة للقدرات الفردية والمهارات الفنية للاعبين أو الحديث عن الامكانيات البشرية والموارد المالية وما يترتب عليها من ظروف صعبة لجميع الفرق فهم فيها سواء ، بل أريد الإشارة إلي تصرفات الحكام وسلوكياتهم أثناء المباريات إلي جانب كيفية تطبيقهم للقانون والتعامل مع الضغوطات التي تفرضها الجماهير وبعض عناصر اللعبة الآخرين، ونحن نتابع الدوريات الكبرى في العالم نجد اختلافا كبيرا بين دوري وآخر فمثلا في الدوري الأسباني يوقف الحكم المباراة لأقل المخالفات ولا يعطي مبدأ اتاحة الفرصة حقه في حين أن الدوري الانجليزي يعتمد على  السرعة والاندفاع البدني ولذلك لانجد الحكم يصفر كثيرا ويعطي أولوية لاستمرار اللعب وكذلك الدوري الألماني قلما تجد فيه وقتا ضائعا وكذلك الدوري الإيطالي يعتمد على القوة والخشونة ولا يوقف الحكم اللعب لأبسط المخالفات وهذا السلوك التحكيمي يعطي قوة وإثارة ومتعة و عدم إيقاف المباراة بشكل مستمر يساهم في تطبيق الخطط التكتيكية للمدربين ويبرز القوة البدنية والسرعة والمهارة الفردية للاعبين وبالتالي ينتج هذا المستوي الراقي من الأداء ، أما عندنا فحدث ولاحرج عن سلوكيات الحكام وتصرفاتهم عند أي حدث صغير كالهتاف الغير لائق أو عند سقوط أي لاعب أو إعتراض أي شخص على قرارات الحكم فإن حكامنا يوقفون اللعب فورا ، بل عودوا اللاعبين على السقوط وادعاء الإصابة والتمثيل وبعض المباريات يمكن أن تبلغ فيها عدد مرات سقوط اللاعبين إلي أكثر من 10 مرات إضافة إلي الأمور الأخرى بمعني قد يوقف الحكم اللعب في المباراة الواحدة من 15 إلي 20 مرة فكم يبقي من الوقت للعب ؟ وكيف تكتمل الجمل الفنية والتكتيكية بعد تشتت الذهن وفقدان التركيز؟ وكم من الأوقات البديلة التي تحتسب والتي قد تصل إلي أكثر من 10 دقائق في الشوط الواحد ، إضافة إلي تصرفات الحكام اتجاه المهاجمين القلائل في قطاع غزة ومنحهم بطاقات صفراء بداعي التمثيل وتثبت الإعادات أنهم مظلومون وتحرم الجماهير منهم بسبب إيقافهم لتراكم البطاقات كما يحدث مع محمد عبيد وسليمان العبيد ومحمود وادي ومحمد القاضي ومحمد بلح والسباخي وغيرهم من النجوم والذي يؤثر غيابهم على المستوي الفني للمباريات ومثل هؤلاء اللاعبين يجب حمايتهم وليس معاقبتهم كما يفعل الحكام في الدول المتقدمة مع النجوم.

تعليقات (0)

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق