بعد عشرة أعوام من الوفاق: أنديةٌ خاوية، وعموميات مترهلة، وحركيات تتحكم بالقرار
مهدي: غابت الديمقراطية فاستقوى التنظيم!!!
أيوب: لولا الوفاق لم تكن هناك رياضة… ولكن !!!!
حرب: الحركيات الرياضية نجحت في تكوين الفكرة، وفشلت في التطبيق.
غزة-مصطفي صيام
على مدار السنوات الماضية؛ فقدت الجمعيات العمومية للأندية الرياضية دورها الحقيق؛ باعتبارها العصب الذي يستمد منه النادي القوة لاستمرار مسيرته الرياضية على صعيد الألعاب المختلفة، ليصبح قرارها رهيناً بيد مجموعة من الأشخاص يتحكمون بها.
وبلا شك أنّ الانقسام السياسي كان أحد الأسباب الرئيسة؛ لإهمال دور الجمعيات العمومية في اتخاذ القرار، وفُرض عليها أجندات خاصة تجاوزت القرار المستقل؛ الذي طالما كان لأعضاء الجمعية العمومية الحق في تقرير مصيرها، وممارسة دورها على مختلف المستويات.
وبعد أنْ كانت انتخابات الأندية الرياضية أحد أبرز أشكال ومظاهر العملية الديمقراطية القائمة على التنافس الشريف بين أعضاء الجمعية العمومية؛ لتتحول إلى مزاد علني يتحكم فيه البعض؛ وذلك من خلال فرْض مجالس إدارية قائمة على أهوائها الشخصية،وبعيدة كل البعد عن الهدف الحقيق الذي أنشئت من أجله الأندية؛ لتصبح الجمعيات العمومية حبراً على ورق؛ تتغير وتتبدل حسب مزاج مَن منحته الظروف السائدة أنْ يكون صاحب القرار.
” أطلس سبورت” تفتح ملف الأندية الرياضية بعد مرور عشرة أعوام على تطبيق الوفاق الرياضي.
المغازي يعاني الأمرَّين :
“محمد مهدي” إداري سابق في نادي خدمات المغازي، يقول إنّ ناديه يعاني الأمرَّين بعد مرور عشرة أعوام على تطبيق الوفاق، فانهارت الألعاب الرياضية، ولم يَعُدْ النادي ينافس في كرة القدم؛ بل وهبط الفريق إلى الدرجة الأولى، وبات قريباً من الهبوط إلى الدرجة الثانية.
ويضيف مهدي ” المتتبع من قرب للحركة الرياضية؛ يلاحظ أنّ هناك أندية تشهد استقراراً إدارياً ورياضياً ومالياً، وأخرى تعاني الأمرَّين، ومن هذه الأندية النادي الذي أنتمي إليه”.
ويتابع مهدي ” حرمَنا الوفاق من المِنح التي تقدّمها وكالة الغوث لتغطية مصاريف النادي بأكملها؛ بما فيها أجور ومكافآت اللاعبين؛ بقيمة( 28) ألف دولار سنوياً، ولم يعد للنادي جمعية عمومية صاحبة القرار باختيار إداراتها، وإنْ كانت موجودة؛ فهي مفصّلة حسب مقاس المكاتب الحركية؛ التي تفرض أعضاء الإدارة بعيداً عن مصلحة النادي”.
ويطالب “مهدي” باستعادة حقوق النادي من وكالة الغوث؛ أسوةً بأندية (خدمات رفح، وديرالبلح، والنصيرات، والبريج، والنصيرات)، فليس من المعقول أنْ يُحرم النادي من هذه المستحقات من أجل مقعد، أو إثبات الذات التنظيمية.
غابت الديمقراطية واستقوى التنظيم :
ويتابع “مهدي” :” الغالبية العظمى من عمومية النادي الحالية؛ ليس لها علاقة بالنادي، ولا يجوز لأحد المساس بها، أو الاعتراض، أو ممارسة دوره تُجاه المؤسسة التي ينتمي إليها!، فالاستقواء بالتنظيم أصبح السلاح الذي يوجَّه أمام أبناء النادي المخلصين؛ الذين باتوا خارج أسوار المغازي، ويُحرمون من ممارسة مسؤولياتهم وواجباتهم تُجاه المؤسسة.
ويناشد “مهدي” أعضاء المكتب الحركي الرياضي في (فتح وحماس) برفع أيديهم عن النادي؛ لكي يتمكن كوادر النادي من حماية مؤسستهم عبر الانتخابات، فالمغازي يملك الكوادر الرياضية والإدارية القادرة على قيادة النادي من خلال جمعية عمومية مشكلة من أبناء المغازي فقط.
ويتساءل مهدي ” أليس من الواجب على من يعين أعضاء الإدارة؛ أنْ يقوم تنظيمه بدعم النادي مادياً؛ بدلاً من أنْ يتسول المغازي لدفع مستحقات اللاعبين؛ للحفاظ على المسيرة الرياضية، والمنافسة على البطولات، بدلاً من القيام ببيع بعض ممتلكات النادي_ التي هي أصلا مُلكاً للمخيم_ لمواجهة الاستحقاقات المادية، وتغطية المصاريف الخاصة بالأنشطة الرياضية”!.
ويطالب “مهدي” الحركية الرياضية، ووزارة الشباب والرياضة، واللجنة الأولمبية؛ بأنْ لا يُلقوا بأبناء المغازي إلى المجهول، قبل الدخول في طريق مظلم، والوقوف بجانب النادي، فالمغازي بحاجة لمن ينقذه قبل أنْ تنهار المؤسسة بأكملها، ويوضع تاريخ مخيم _قدَّم الشهداء والقادة والرياضيين_ في مهبِّ الريح.
دفعْنا الثمن للحفاظ على المنظومة :
” وليد أيوب” منسّق لجنة الوفاق الرياضي، يقول:” إنّ الوفاق الرياضي؛ كان مطلباً وطنياً مُلِحاً في ظل الظروف الاستثنائية التي كانت تعاني منها الأندية بعد السيطرة عليها بطريقة غير شرعية؛ أدت إلى انعدام النشاط الرياضي لأكثر من ثلاث سنوات متتالية.
ويضيف أيوب: ” لم يكن أمامنا سِوى خيارَين: إمّا أنْ تبقى الأندية بدون نشاط؛ أو نقبل بمبدأ المشاركة؛ حتى تعود عجلة الرياضة من جديد، فالوفاق الرياضي كان مرحلياً، وخطوة نحو الانطلاق بالمشروع الرياضي؛ باعتباره وطنياً فلسطينياً يتخطى المصالح الفصائلية، ويُرسّخ المفاهيم الوطنية بالرسالة الرياضية لخدمة المشروع الرياضي”.
وتابعَ أيوب ” كُنا معنيّين بوَحدة المنظومة الرياضية من خلال الوفاق الرياضي؛ تنطوي تحتها كل الأُطُر للحفاظ عليه، فلولا الوفاق لم يكن هناك رياضة في غزة حتى يومنا هذا، وقبِلنا بالوفاق للعمل ضمن منظومة الشراكة بعيداً عن أيِّ اعتبارات”.
تجييش الأندية :
ويؤكد أيوب: “الوفاق الرياضي له إيجابياته وسلبياته، ونجحنا في توحيد الجسم الرياضي؛ الذي شكل إنجازاً كبيراً للمنظومة؛ بعدما كانت الأندية بدون أيِّ نشاط، ومسيطَراً عليها”، ” ولكنّ ما حدث كان عملية تجييش لعدد الأندية بشكل مخالف للقانون، وحصل عدد منها على تراخيص بدون مصوغ قانوني؛ الأمر الذي انعكس سلباً على أدائها، وأصبحت غير قادرة على مجابهة الاستحقاقات المادية الكبيرة”.
ويطالب “أيوب” وزارة الشباب والرياضة؛ أنْ تنظر بعين المسؤولية تُجاه الأندية، وتعيدَ حساباتها بالتراخيص التي منحتها لعدد من الأندية؛ لكي تتمكن من ممارسة دورها الحقيق بعيداً عن عملية التجييش؛ التي ستساهم في زيادة المشاكل والأعباء عليها”.
ويشير “أيوب” إلى أنّ اعتماد مبدأ التعيين في مجالس إدارات الأندية؛ لم يُراعِ الكفاءة والمؤهلات، وكان فرضاًلبعض الأسماء عليها كنوعٍ من السيطرة على المشروع الرياضي، فآليات تنفيذ الوفاق تجاوزت الهدف الحقيق؛ الذي أُنشِئَ من أجله الوفاق لحماية الأندية، وإعادة دورها الوطني والرياضي.
دعمٌ وميثاق :
ويوضح أيوب :” إنّ عدم الاهتمام الرسمي بالرياضة؛ زاد من أعبائها ومشاكلها، والمطلوب تخصيص موازنة خاصة بالرياضة تراعي احتياجات الأندية، وعدم الاعتماد على منحة سيادة الرئيس؛ التي قد تتوقف في أي لحظة، بالإضافة إلى الاهتمام بالبنية التحتية في غزة ضمن المواصفات الدولية.
ويختم أيوب :” نحتاج لتوقيع ميثاق شرف بين كل الأندية؛ لتحديد أسعار وأجور اللاعبين، فما يجري حالياً جريمة ترتكب بحق لعبة كرة القدم، في ظِل المغالاة الكبيرة والتلاعب بأسعار اللاعبين،والتي لا تتناسب مع مستواهم الفني، على حساب أبناء النادي، وضرورة وضع حدٍّ لهذه الظاهرة؛ قبل الدخول في مشاكل أكبرَ؛ قد تكلف الأندية الكثير.
تَغوُّل الانقسام :
الإعلامي حسام حرب؛ يرى أنّ الانقسام جاء ليُلقي بظلاله على الرياضة؛ وخاصة بأننا أصبحنا نربط أي شيء بالانقسام الفلسطيني، وساهم بشكل كبير في تدمير العديد من الأندية، وأصابها بالشلل في كافة المناحي.
ويُحمّل “حرب” الجمعيات العمومية المسؤولية الكاملة؛ باعتبارها لعبت دورَ المتفرِّجِ، ولم تتدخل أو تراقب من بعيد ما الذي سيحدث مستقبلاً، متسائلاً كيف فقدت الجمعيات العمومية دورها الحقيق؛ باعتبارها المحرك الأساس للأندية؟؟.
ويوضح “حرب” أنّ تلك العوامل قضتْ على دور الجمعيات العمومية؛ وخاصة أنّ الأمر أصبح بيدِ الحركيات الرياضية؛ وبالتالي هي مَن تختار! وهي من تقرر! وتقوم باختيار شخصيات لم نسمع عنها من قبل! تحت حُجة إنجاح الوفاق الرياضي!.
رياضة مُسيّسة :
ويؤكد “حرب” أنّ الحركيات الرياضية تحاول إصلاح الأمر؛ ولكنْ على قاعدةٍ حزبية؛ ساهمت في تراجع الأندية كثيراً، وأصابت أخرى بالشلل،وتركت البقية تُنازع وتصارع مكانها،منوِّهاً أنه من لحظة دخول الحركيات الرياضية إلى الأندية؛ أصبحنا نتحدث عن رياضةٍ مسيَّسة؛ وليست رياضة حقيقة، وعن تقسيماتٍ وحصصٍ هنا وهناك؛ نسبةُ لكل فصيلٍ في تشكيل مجلس الإدارة المُعين للنادي، وكذلك الاتحاد والأولمبية.
ويضيف ” مع تقديري لكافة المحاولات التي تقودها الحركيات الرياضية، والشخصيات الرياضية، للوصول بالرياضية إلى برِّ الأمان، وقد ينجحون في تكوين الفكرة، ويفشلون في التطبيق؛ وخاصة في القرارات اليومية، والتي رُبما تخالف تطلّعات ورغبات الطرَف الأخَر”.
ويقترح “حرب”أنْ ترفع الحركيات الرياضية يدَها عن الأندية، وتشكيلَ لجنةٍ وطنيةٍ لتحديد وحصْرِ الجمعيات العمومية في جميع الأندية، والدعوة لانتخابات نزيهة وديمقراطية على قاعدة من ينجح ينجح،وليس لها علاقة بتوجهاتٍ سياسية؛ وإنما ببُعد وكفاءة رياضية.
وما بين الوفاق والتزكية والتعيين في اختيار مجالس الإدارات؛ ضاعت الجمعيات العمومية بين “حانا ومانا” دون أدنَى رقيبٍ أو حسيب.